1 - معبد الملك سيتى الأول بالمدينة المقدسة أبيدوس : -
هو أحد مفاخر العمارة "المصرية" ، شيده "الملك" "سيتى الأول" فى المدينة المقدسة ، وسماه "بيت ملايين السنين" ، من "ماعت رع" مبتهج القلب من "أبيدوس" ، على أنه توفى قبل أن يتم بنائه فأكمله إبنه "رمسيس الثانى" ، ليكفل لأبيه حياة مبرورة فى الأخرة ولكى يحظى هو أيضا برضاء "الألهة" ، ومعظم جدرانه وبلاط الأرض وبعض "الأساطين من الحجر الجيرى ، وبعض الجدران وأغلب "الأساطين" والسقوف من حجر رملى ، وكان يتقدمه صرح سامق ذو برجين ، وكان فى ظهر كل برج سبع مشكاوات كانت فيها تماثيل "للملك" فى شكل "أوزوريس" وكان مدخل الصرح يؤدى إلى فناء فى مؤخرته صفة ترتفع عن الأرض ، ويؤدى إليها درجان بين ثلاثة أحادير على المحور الرئيسى للمعبد وفى جدارها مشكاوات عميقة .
وكان من وراء الصفة فناء ثان فى مؤخرته صفة ثانية يحلى واجهتها "الكورنيش المصرى" ويتخلل جدرانها سبعة أبواب تقابل "المقصورات" السبعة التى يشتمل عليها "المعبد" على خلاف سائر "المعابد المصرية " ، وقد سد "رعمسيس الثانى" جميع الأبواب إلا الباب الأوسط ، وسجل على الجدار الخلفى للصفة ما يعرف بنص الإهداء ، وهو نص طويل يقع فى ( 116 سطرا ) سجل فيه "رعمسيس الثانى" الحالة التى ترك عليها أبوه "المعبد" وما أداه هو من أعمال ، وقد ذكر أنه إختار بنفسه رجل يشرف على أعمال البناء وكلف بالعمل فرقا من "العمال" و"الحجارين" و"المصورين" و"الرسامين" ، وعين "كهنة" مطهرين و"كاهنا" لتمثال "الإله" ليشرف على الطقوس ، ومؤن المخازن وسجل ممتلكات "المعبد" وزاد فى عدد "الكهنة" على إختلاف طبقتهم بما يكفل أداء جميع الأعمال .
ويفضى الباب الأوسط إلى بهو "الأساطين" ، وهو بعرض "المعبد" ويشتمل على سبعة أروقة تقع على محاور "المقصورات السبعة" وتؤدى إليها ، وتتخلل كل رواق سبعة "أساطين"1 فى صفين ، ويمثل كل "أسطون" حزمة "بردى" بساق "أسطونية" ملساء محلاة بالصور والنقوش وفى الجدار الخلفى سبعة أبواب تؤدى إلى بهو ثان على شاكلة البهو الأول غير أنه أكثر عمقا ، إذ تتخلل كلا من أروقته ستة "أساطين" فى صفين ، و"الأساطين" الأربعة الأولى بتيجان "بردية" و"الأسطونان" الأخيران "بساقين أسطونيتين" ، ويقومان على مسطح أعلى قليلا يؤدى إليه أحدور وفى الجدار الخلفى أبواب "المقصورات" فى صف واحد ، ويعلوا كل باب "الكورنيش المصرى" وبين كل باب وأخر مشكاة يزين أعلاها قرص الشمس المجنح ، وكانت تحلى جدرانها نقوش مختلفة ، ويظن أنها كانت تحتوى على تماثيل .
وإختلاف طراز "الأسطونين" الأخرين عن طراز "الأساطين" الأربعة الأولى يلفت النظر ويدعوا إلى التفكير ؛ على أنه ليس من شك فى أنه كان مقصودا وأنه أريد به التمييز بين "الأساطين" أمام "المقصورات" السبع وبين "أساطين بقية "البهو" كأنما قصد إلى أن يكون أمام واجهاتها ما يشبه الصفة ، ويؤدى ذلك إرتفاع المسطح الذى تقوم عليه .
وكانت "المقصورات" من الجنوب إلى الشمال لعبادة "سيتى" ، و"بتاح" ، و"رع حور أختى" ،و"آمون" ، و"أوزوريس" ، و"وإيزيس" ، و"حورس" ، وتقع مقصورة "آمون" ، "إله" الدولة و "ملك الألهة" ، فى مكان الشرف فى الوسط ، وتتألف كل "مقصورة" فيما عدا "مقصورة أوزوريس" ، من قاعة مستطيلة بسقف على شكل عقد كاذب من الحجر ، وقد بنى أولا على شكل عقد مدرج ثم نحت سطحه الأسفل حتى ليبدو وكأنه عقد صادق ، ولهذا ما يماثله فى معبد الدير البحرى من عهد "حتشبسوت" ، وفى "مقصورة حتحور" من عهد "رمسيس الثالث" ، ويحلى الجدار الخلفى "بابان وهميان" من داخل إطار واحد ، نقش النحات بينهما "أسطونا" صغيرا على شكل غصن "بردى" يلتف حوله "صل" ، وبذلك وفق أحسن ما يكون فى إبتداع عنصر مناسب بين البابين ، ويعلوا البابين مستطيل يشغل أعلاه عقد ويتخلله علامة "الدوام (عمود أوزوريس) ، وصور أرواح حارسة ، وتبدو جميعها وكأنها مفرغة بينها على نحو "المشربيات" ، وفى كل طرفى العقد صورة "لأبى الهول" رابض تتسق رأسه وظهره مع إنحناء العقد ، وتتفق الخطوط المقوسة فى هذا الزخرف أحسن ما تكون وتقوس السقف .
وتؤدى "مقصورة أوزوريس" إلى "بهو أساطين" خلف "المقصورات الثلاثة" بما كفل "لإله أبيدوس" مكانا ممتازا فى "المعبد" لا يقل عن مكان "آمون" ، وعلى يمين "البهو" ثلاثة "مقصورات لإيزيس" و "سيتى" و "حورس" ؛ وعلى يساره "بهو" صغير تطل عليه ثلاث "قاعات" صغيرة مهدمة
وعلى غير المعتاد فى "المعابد المصرية" أضيف إلى يسار الجزء الخلفى من "المعبد" جناح يؤدى إليه باب فى جنوبى "بهو الأساطين الثانى" ؛ ويشتمل على عدة "قاعات" و "أبهاء" منها "مقصورتان" "لبتاح سكر" و "نفرتم" ، من "ألهة منف" ، ودهليز نقشت على جدرانه أسماء معظم "ملوك مصر" من "مينا" إلى "سيتى الأول" ، تؤلف ما يعرف "بقائمة أبيدوس" ، و "مذبح" تحيط "الأساطين" بثلاثة جدران منه ويقع مدخله على "فناء كبير" خارجى كانت تقاد إليه الضحايا من الحيوان بعيدا عن "قاعات المعبد" ، ومن قاعاته أيضا قاعة "قرابين" أو "زوارق" تدور بجدرانها رفوف مشيدة ، و"دهليز" فى نهايته درج يؤدى إلى خارج "المعبد" .
وتحلى جدران "المعبد" نقوش دقيقة تتميز برشاقة خطوطها وجمال تفاصيلها وبهجة ألوانها وتمثل شعائر مختلفة يؤديها "سيتى الأول" لكثير من "الألهة" .
ووقف "سيتى الأول" على هذا "المعبد" إيراد مناجم الذهب فى "البرامية" فى الصحراء الشرقية ، وكانت أعظم مناجم الذهب إنتاجا فى وقته ، كما وقف عليه أيضا إيراد الأقاليم التى إستولى عليها ، ونقش فى الصخر عند "نورى" شمال "الشلال الثالث" بقليل نصا طويلا حرم فيه على جميع الإدارات والموظفين أن يكلفوا أحدا من خدم "المعبد" بأى عمل من أعمال السخرة فى الزراعة فى كافة أنحاء البلاد ، أو أن يحجزوا أية سفينة "للمعبد" ، أو أن يفرضوا الضرائب على حمولتها أو يصادروا ما يملك "المعبد" من ثيران وحمير وخنازير وماعز ، وكفل به حماية جميع من يعمل "للمعبد" فى كافة البلاد من ( صيادين ، وصناع ، وفلاحين ، وحراس ، وتجار ،وعمال مناجم ، وغيرهم ) ، وفرض عقوبات شديدة على كل من يعصى ذلك ، وهى فى المتوسط "مائة عصا" و"خمسة جروح دامية" "مع رد المتاع المصادر" وفى الحالات الخطيرة دفع ما يساويه "مائة مرة" و"أداء السخرة" لفائدة "المعبد" أو "النفى إلى الحدود" بعد "جدع الأنف" و"قطع الأذنين" فى أكثر الأحيان.
2 - المراجع : -
1 - د / "سمير أديب" ، "موسوعة الحضارة المصرية القديمة" ، "القاهرة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق