الاثنين، 18 يوليو 2016

بحث عن مدينة طيبة القديمة مقابر وادي الملوك بالبر الغربي

1 - أسماء طيبة : -
تقع مدينة "الأقصر" الحالية مكان المدينة القديمة ، وهى مدينة نشطة ، ولكنها لا تشغل إلا جزء بسيط من المساحة التى كانت تشغلها المدينة القديمة على "الشاطئ الشرقى" من "النيل" ، هذا بخلاف "طيبة" الغربية أو ( مدينة "الأموات" ) التى إمتدت على طول "الشاطئ الغربى" من "النيل" ، وكلمة "لكسور" ( luxor ) تحريف للكلمة "العربية" "الأقصر" جمع "قصر" إشارة إلا البقايا الشامخة "للمعبد" الكبير الذى لا يزال يشغل قلب المدينة ،الذى كان يضم إلى عهد قريب نسبيا جزء كبير من "منازل" سكان المدينة.
وفى العصور القديمة وكذلك إسم "الإقليم" "واست" ، وكانت تدعى أيضا "نيوت" أى "المدينة" ، ومن هذا الإسم جائت الكلمة "العبرية" التى وردت فى التوراة وهى "نو" (سفر حزقيال 30 : 14 – 15 – 16 ) أو "نو – أمون" (ناحوم 3 : 8 ) أى "مدينة أمون" ، وكانت "المدينة" تدعى فى كثير من الأحيان "أبت الثنائية" وذلك إشارة إلى قسمى "المدينة" الذين تمثلهما أطلال "معبد" "الأقصر" و"الكرنك" ، فقد دعى "الكرنك" ( أبت ايسوت ) بمعنى "عروش أبت" و"معبد" "الأقصر" ( أبت رسيت ) أى "أبت الجنوبية" ، ومن الجائز أن "أبت" كانت تنطق فى عهد الدولة "الحديثة" "أ بى" وهى كلمة إذا سبقتها أداة التعريف "للمؤنث" "تا" تصبح "تابى" وهى الكلمة التى وجد "الإغريق" فيها بعد التحريف شبها بإسم مدينتهم "طيبة" ، على أن الأراء لم تجمع على قبول هذا الإشتقاق ويبدو أنه من العسير أن نصل لرأى مأكد فى الموضوع.
وهناك تسمية أخرى أطلقت على "طيبة" فى العصور "اليونانية الرومانية" وهى "ديو سبوليس مجالا" أو "ديو سبوليس ماجنا" ، فلقد شبه "أمون" إله "طيبة" بالإله "زيوس" "اليونانى" فأصبحت "طيبة" ( المدينة الكبرى لزيوس ) ، أما مدينة "الأموات" القائمة على "الشاطئ الغربى" فكانت تدعى أحيانا "واست أمنتت" أى "طيبة الغربية" ، وكانت تدعى ايضا "برحاتحور" أى "بيت حاتحور" نظرا لأن "حاتحور" كانت "الإلهه" الحامية "للهضاب" الغربية كانت تمثل غالبا "كبقرة" "إلهية" محلاة بشعارات الإلهة "حاتحور" خارجة من "الهضاب.

2 - نبذة تاريخية عن مدينة طيبة :-
"طيبة" مدينة "الأقصر" الحالية هى أغنى مدن "جمهورية مصر العربية" بالأثار "الفرعونية" وتقع على الضفة "الشرقية" "للنيل" فى محافظة "قنا" وتبعد عن "القاهرة" ( جنوبا 670 كم ).
أكدت الكشوف الحديثة فى "معابد الكرنك" أن لمدينة "طيبة" تاريخا يمتد الى أوائل الدولة "القديمة" ( من 2686 الى 2181 ق . م ) وربما الى ما قبل ذلك وذكرت "النصوص" التى ترجع الى الدولة "القديمة" ، "طيبة" باعتبارها أحدى أحدى مدن "الإقليم الرابع" من أقاليم "مصر العليا" ، وبدأت تسلط عليها الأضواء إبتداء من "الدولة الوسطى" (من 2133 إلى 1786 ق.م) ، وبالتحديد منذ الأسرة "الحادية عشر" ، فقد أقام "ملوك" هذه "الأسرة" "مقابرهم" و"معابدهم" لتخليد ذكراهم بعد الموت فى البر "الغربى" "لطيبة" ، نذكر منهم على سبيل المثال "الملك" ( منتوحتب نب حبت رع ) الذى إختار حضن جبل من جبال "طيبة الغربية" ليشيد فيه "مقبرة" ذات "معبد" لتخليد ذكراه ، لها طراز جديد مبتكر يليق به ، جمع فيه "المهندس المصرى" بين فكرة "الهرم" وبين "المعبد" ذى الشرفات الذى إحتضن بداخله حجرتين للدفن ، إحداهما رمزية "للتمثال" والأخرى لصاحب "المقبرة" ، ولم يبق لنا من هذه "المقبرة" ذات المعبد إلا أطلالها  وهى الموجودة إلى الجنوب من معبد "حتشبسوت" "بالدير البحرى".
ظهر إسم "الإله أمون" وزوجته "موت" فى "طيبة" فى عهد "الأناتفه" ، وقد خرجا من "ثامون" "الأشمونين" "المقدس" ولكن لم يتبوء "أمون" مكانته الرفيعة إلا بعد إنتقال العرش إلى أسرة جديدة هى ( الأسرة الثانية عشر ) ، فقد أتخذ مؤسسها "أمنمحات الأول" ( بمعنى أمون فى المقدمة ) "الإله أمون" ربا لأسرته وجعله فاتحة إسمه وأقام ملكه تحت رايته وأضاف نجمه فى سماء "المعبودات المصرية" وأصبح "إله" "طيبة" المفضل ، وأحله محل سلفه "الإله" "مونتو" رب ( الأسرة الحادية عشر ) الذى كان "إله" للحرب ، وعبد فى مدينة "أرمنت" جنوب "الأقصر" ، فضل "أمنمحات" لأسباب سياسية نقل "عاصمة" ملكه من الجنوب من "طيبة" ، إلى الشمال إلى مدينة عرفت لنا بإسم (أثت تاوى) وتعنى القابضة على الأرضين ( وإن كنا إلى الأن لا نعرف موقع هذه "العاصمة" ، ولكن أغلب الظن أنها تقع بالقرب من منطقة "اللشت" وهى المنطقة التى إختارها لبناء "هرمه" ) وذلك لوقوعها فى "قلب الأرضين" ، ولكن "أمنمحات الأول" لم يغفل "طيبة" فقد ترك أثار له فى "معابد الكرنك" وإن لم يبق الزمن عليها وجاء من بعده إبنه وخليفته "سنوسرت الأول" الذى إستأنف التشييد فى "معبد أمون" "بالكرنك" ، إلا ان أكثر ما شيده أستخدمت أحجاره أغلب الظن كمواد بناء نذكر منها ما أستخدم كحشو "للصرح الثالث" فى "معبد أمون" "بالكرنك" وذلك بعد أن وجدت أحجارها كاملة من "الحجر الجيرى" الأبيض مستخدمة كحشو داخل "الصرح الثالث" الذى كان يرمم فى ذلك الوقت.
لم يبق لنا فى "معبد الكرنك" الأن من هذه الأسرة غير تلك "المقصورة الجيرية البيضاء" التى أقامها "الملك" "سنوسرت الأول" شاهدة على عظمة ما أقامه "ملوك" "الأسرة الثانية عشر" هناك ، وهى على بساطتها تعتبر من أجمل "المقاصير" التى شيدت فى "مصر القديمة" ، ولكن البقايا الأثرية المتناثرة هنا وهناك تشير إلى "المبانى" و"المعابد" التى شيدها "ملوك" هذه "الأسرة" هناك وإن لم يبة الزمن عليها.
إنتهت "الدولة الوسطى" بعد سقوط "الأسرة" "الثانية عشر" وحلت الفترة المظلمة الثانية من تاريخ مصر الفرعونية ( من 1786 إلى 1567 ق . م ) وتوقف النشاط "السياسى" و"العمرانى" و"الدينى" فى "طيبة" حتى طرد "الملك" "أحمس الأول" "الهكسوس" من "مصر" وأسس "الأسرة الثامنة عشر" "الفرعونية" وأتخذ "طيبة" عاصمة له.
أصبحت "طيبة" الأن إبتداء من "الأسرة" "الثامنة عشر" وطوال فترة "الدولة الحديثة" مدينة "المعابد" ، سواء "معابد الخدمة اليومية" "للألهة" فى "البر الشرقى" مثل "الكرنك" و"الأقصر" أو "معابد تخليد ذكرى" "ملوك" "مصر" وتكريمهم وإجلالهم بعد موتهم مثل "المعابد" المنتشرة فى صف طويل على حافة الصحراء بالقرب من الأراضى المزروعة على "الضفة الغربية" "لطيبة" والتى تبدأ من "الشمال الشرقى" إلى "الجنوب الغربى" بمسافة تصل إلى ( ثلاثة كم ) ويفصلها عن "مقابر" "فراعنة" "الدولة الحديثة" الجبل المشرق على "الوادى".
أخذت "معابد" "الألهه" تكبر وتزيد أهميتها فى "الدولة الحديثة" ، وبدأت زيادة حجم "المعابد" قبل أن تصل "الإمبراطورية" إلى ذروتها فى عهد "الملك" "تحتمس الثالث" ، ومن الجائز أن الهزة التى إعترت "المصريين" بأنفسهم من جراء إحتلال "الهكسوس" للبلاد كانت فى رأى "جون ويلسون" سببا فى إيجاد حالة من التشكك ، جعلت "مصر" تتولى وجهها شطر "الألهة" ، ترجو منها الهديا والإرشاد ، فإذا كان الأمر كذالك ، فإن هذا هو تفسير إزدياد قوة "الألهة" و"كهنتهم".
بدأ فى "الدولة الحديثة" عادة إخفاء "مقابر الملوك" فى منطقة صحراوية جرداء ، بعيدة عن الماء والخضرة والعمران ، وهى المنطقة التى أصطلح على تسميتها ( وادى الملوك ) على "الضفة الغربية" "لطيبة" فحفروها فى سرية تامة فى صخر الجبل وذلك لإخفائها عن "لصوص المقابر" ، بعد أن إنتشرت سرقة محتويات بعض "مقابر" "ملوك" الدولتين "القديمة" و"الوسطى".
أما أشراف "الدولة الحديثة" من " وزراء" و "قادة جيوش" و "رؤساء للكهنة" و "حكام لطيبة" و "فنانين" ، فقد حفرو "مقابرهم" الصخرية فى "طيبة الغربية" فى "جبانات" مختلفة ، سميت بأسماء القرى الحديثة المبنية فوق وبين "مقابرهم" ، تبدأ من الشمال بجبانة "ذراع أبو النجا" ثم جبانة "العساسيف" ثم جبانة "الخوخة" ثم جبانة "شيخ عبد القرنة" ثم جبانة "دير المدينة" وأخيرا جبانة "قرنة مرعى".
أشرف "المهندس" ( أنينى ) الذى عاش فى عصر كل من "الملك" "أمنحتب الأول" و"الملك" "تحتمس الأول" على "مبانى" وإنشاءات هذه الفترة ، وقد كلف بالإشراف على إقامة "معبد تخليد الذكرى" "للملك" "أمنحتب الأول" عند حافة الصحراء الغربية من جبانة "ذراع أبو النجا" ، ولم يعثر على "قبره" للأن فى "وادى الملوك" وإن إعتقد البعض بأنه فضل منطقة "ذراع أبو النجا" لتكون مقرا أبديا له ، إلا أن "القبر" الذى ينسبونه إليه فى هذه المنطقة قبر غير منقوش وليس فيه ما يؤكد نسبه إلى "الملك" "أمنحتب الأول" ، على أن أكتشاف "معبد تخليد الذكرى" له ولأمه "الملكه" "أحمس نفرتارى" يؤكد أنه كان أول "ملك" نفذ أسلوب جديدا يفصل بين "المقبرة" الصخرية ، حيث توجد "المومياء" ، و"معبد تخليد الذكرى" حيث تقام الطقوس والشعائر التى تفيد المتوفى فى عالمه الأخر.
أضاف "أمنحتب الأول" بعض "المقاصير" إلى "معبد أمون بالكرنك" ولكن أغلب الظن أستخدمت أحجارها كمواد للبناء ، والدليل على ذلك "مقصورة قارب أمون المقدس" والمصنوعة من "الألبستر" والتى وجدت أحجارها كاملة كحشو داخل "الصرح الثالث" وقد أعاد بنائها "شيفريية" فى المنطقة المعروفة بإسم musee" "  وتعنى "المتحف".
الصدفة وحدها هى التى تركت لنا هذه "المقصورة" التى تعد أقدم ما شيد فى عهد "الأسرة الثامنة عشر" وقد أقامها ( أنينى ) إحتفالا بعيد "اليوبيل الأول" ( الحب سـد ) للملك "أمنحتب الأول" والتى إكتملت نقوشها فى عهد خليفته "تحتمس الأول" ، وقد خصصت تلك "المقصورة" فى رأى "كيز" "kees" لإستراحة "زورق أمون المقدس" وقد شيدت من حجر "الألبستر" المجلوب من مدينة "حتنـوب" وهى منطقة "المحاجر" الشهيرة "بالألبستر" بالقرب من "تل العمارنة".
أخذ "تحتمس الأول" بعد موت "أمنحوتب الأول" على عاتقه إقامة "المعبد" فى نفس المنطقة المقدسة تحت إشراف "مهندسه" ( أنينى ) ، فأقام سورا حول "معبد أمون" الذى أقيم فى عهد "الدولة الوسطى" ثم أقام غربا منه "صرحين" ( الخامس والرابع ) ثم أقام شرق "الصرح الخامس" صالة "أوزورية" كما أقام أمام "الصرح الرابع" "مسلتين" ، والجنوبية منها مقامة.
كان "تحتمس الأول" حتى الأن هو أول من إتخذ "وادى الملوك" مقرا لمقبرته "الملكية" ، وقد تكتم "تحتمس الأول" سر بناء هذه "المقبرة" سرا شديدا يدلنا عليه النص الموجود عل لوحة فى "مقبرة" "المهندس أنينى" بمنطقة "شيخ عبد القرنة" بالبر الغربى "بطيبة" ، يقول النص : ( لقد أشرفت على حفر مقبرته الصخرية وحدى ، لا أحد رأى ولا أحد سمع ) ولم يعلم "أنينى" رغم السرية التامة للحفاظ على هذه "المقبرة" أن "وادى الملوك" إستمر كجبانة "لفراعنة" "مصر" حتى نهاية عصر "الرعامسة" فى "الأسرة العشرين" وأنه أصبح بعد 1500 سنة من المناطق الهامة التى تجذب "الإغريق" و"الرومان" كما تجذب "السائحين" اليوم للتمتع بذيارة هذه "المقابر".
ثم جاء "تحتمس الثانى" و"الملكة حتشبسوت" التى قامت ببعض التغييرات والإضافات "بمعبد أمون" "بالكرنك" حتى أشراف "مهندسها" ( سننموت ) فقد أقامت بين "الصرحين الخامس والرابع" "مسلتين" مازالت الشمالية منهم قائمة ، ثم قامت أيضا بتشييد بعض "المقاصير" الموجودة الأن على جانبى حجرة "قارب أمون المقدس" المعروف "بقدس الأقداس" وقد إمتد فى عهدها "معبد أمون رع" "بالكرنك" إلى الجنوب ، فقد أمرت بإقامة "صرح" فى المنطقة الجنوبية وهو المعروف الأن "بالصرح" الثامن ، كما عصر كحشو داخل "الصرح الثالث" على أحجار "مقصورة" قد أقامتها "حتشبسوت" "للزورق المقدس" وتعرف الأن بإسم "المقصورة الحمراء" لأنها أقيمت من الحجر "الرملى" الأحمر وأحجار هذه "المقصورة" محفوظة الأن فى المنطقة المعروفة بإسم "musee"  على يسار الداخل بعد "الصرح الأول" "بمعابد الكرنك".
أمرت "الملكة" "حتشبسوت" "مهندسها" "سننموت" بعد 500 عام من بناء "مقبرة" "منتوحتب نب حبت رع"  ذات "المعبد" أن يشرف على إقامة "معبدها" الشهير ذى الشرفات "بالدير البحرى" ، وقد كرس هذا "المعبد" "للإله" الأعظم "أمون" بلإضافة إلى "مقاصير" خصصت "لعبادة" كل من "الإلهة حتحور" ربة الغرب و"الإله أنوبيس" رب الجبانة و"الإله رع حور أختى" ، بجانب هذا إستخدم هذا "المعبد" للطقوس الخاصة التى تفيد كل من "حتشبسوت" ووالديها "الملك تحتمس الأول" و"الملكة أحمس" فى العالم الأخر ، وقد أستخدم "سننموت" فى بناء هذا "المعبد" الحجر "الجيرى" الجيد ولم يستخدم كما هو متبع فى "المعابد" الأخرى الحجر "الرملى" المجلوب من محاجر جبال السلسلة جنوب مدينة "إدفو".
بدأت "حتشبسوت" فى المنطقة الجنوبية من "طيبة الغربية" حيث توجد المنطقة المقدسة بمدينة "هابو" من تشييد "معبد" أكمله "تحتمس الثالث" من بعدها خصص طبقا للعقائد "المصرية" القديمة لكى يستريح فيه أسلاف "الإله أمون" وقد سمحت "حتشبسوت" لنفسها بإعتباره "ملك" "مصر" بحفر "مقبرة" ملكية لها فى "وادى الملوك" وذلك بجانب "مقبرتها" الأولى التى حفرتها فى "سكة زايد".
إزدهرت "طيبة" خلال عهد "الملك تحتمس الثالث" إزدهارا عظيما وأصبحت أهم مدينة فى العالم القديم وصارت المركز التى تأتى إليه غنائم الحروب ، وأستفاد "أمون" رب "طيبة" من الغنائم الأجنبية فقد وعدهم بالنصر وكان الجنود فى رأى "جون ويلسون" يحملون تمثالا له عند خروجهم للحرب ، وكان له نصيب الأسد من الغنيمة ، فقد وصل "أمون" إله "طيبة" إلى أوج مجده فى "الأسرة الثامنة عشر" ، وأصبح "كملك للأله" ويعنى إسمه ( المختفى ) وهو "إله الهواء" الذى لا يرى ويستطيع أن يكون فى كل مكان ، فقد كان الفضل فى إيجاد تلك "الإمبراطورية" راجعا فى رأى "ويلسون" إلى "إلهين" هما "الإله الملك" الذى قاد الجيوش ، و"الإله" الذى بارك تلك الحروب ، فقد تعطف "أمون رع" ، وأذن بإحدى الحملات ضد "الأسيويين" وأعار "سيفه وعلمه" "الإلهى" إلى "الملك" ، لكى يقود طريقهم إلى المعركة ، وكان على الجيوش أن تدفع ما عليها من دين "لأمون" بعد أن تنتصر وأن تعطيه نصيبه العظيم من الغنيمة ، لأنه راعاها وحماها من الخطر ، وكان عليهم أيضا أن يزيدو من "القرابين" التى يقدمونها إليه إعترافا بجميله ومع مضى الوقت زادة ثروة "أمون" زيادة كبيرة ، إذ كان كل نصر للجيش فى معركة من المعارك يزيد شيئا إلى موارده ولا نعتقد إذا كانو يأخذون منه شيئا إذا أصابتهم هزيمة ، وهكذا لم تكن العلاقة السائدة بين "إله" "الإمبراطورية" وبين الأمة علاقة من يزيد فى الحصول على فائدة ولكنها كانت إشتراكا "إلهيا" فى أمور دولة مقدسة ، وإشترك "الكهنة" الأخرون مثل "كهنة رع" فى "هليوبوليس" و"بتاح" فى "منف" و"الإله ست" "إله الأسيويين" ، فى تكديس الثروة والحصول على النفوذ ولكن لم يصل أحد منهم إلى ما وصل إليه "كهنة" "أمون" فى "الكرنك".
أنفق "تحتمس الثالث" جزء كبير من الثروة التى تدفقت على "مصر" نتيجة لفتوحاته على تجميل "معبد أمون" "بالكرنك" ، فقد وسع "تحتمس الثالث" دائرة نطاق "المعبد" توسيعا شاملا ثم أقام سورا مرتفعا أحاطا "بالمسلتين" اللتين أقامتهما عدوته "حتشبسوت" حتى قمتيهما حتى يخفى أمجادها وأحدث إضافات كثيرة فى "المعبد" فقد أضاف صرحا جديدا هو المعروف "بالصرح السادس" ويقع بعد "قدس الأقداس" مباشرة ، كما شيد "صالتين للحوليات" وأحدث إضافات فى "الصالة المستعرضة" والتى تقع بين "الصرحين" "الخامس" و"السادس" ، كما أقام "مسلتين أمام "مسلتى" "تحتمس الأول" وأمر بتشييد "مبنى" ( أخ منو ) وبه "صالة" الإحتفالات المعروفة وهى المقامة فى "الجهة الشرقية" من "المعبد" خلف بقايا "معبد" "الدولة الوسطى" كذالك أضاف "صرحا" أخر جديدا فى المنطقة "الجنوبية" وهو المعروف "بالصرح السابع" وأقام أمامه فى العام "الثالث والثلاثين" من حكمه "مثلتين" أخرين وقد نقلت "مسلات" "تحتمس الثالث" جميعا من أماكنها وأصبحت سفراء "لمصر" فى "لندن" وفى "نيويورك" وفى "روما" وفى "إسطنبول".
يرجع إلى عهد "تحتمس الثالث" أيضا "عمودين" ، يرمز إحداهما "للشمال" وعليه نقش يمثل زهرة "البردى" وأخر "للجنوب" وعليه نقش يمثل ( الجزء الأسفل ) من زهرة "اللوتس" وهما مقامان على جانبى "قدس الأقداس" ، كما إشترك مع "حتشبسوت" فى إقامة "مقصورة" "لثاثوث طيبة" ( أمون وموت وخنسو ) وهى "المقصورة" المقامة خلف "الصرح الأول" الذى شيده "رمسيس الثانى" فى "معبد الأقصر" ، حفر "تحتمس الثالث" "قبره" فى "وادى الملوك" وأقام "معبدا لتخليد ذكراه" عند حافة الأرض الزراعية فى البر الغربى "لطيبة".
لكى تكتمل صورة أوائل "الأسرة" "الثامنة عشر" فى "طيبة" ، يجب الإشارة هنا إلى الأعداد القليلة من "مقابر" الأشراف الصخرية الملونة والمزينة التى حفرة حتى عهد "أمنحتب الأول" فى "البر الغربى" ، وقد هدم بعضها وحل محله "مقابر" أخرى وبالتحديد فى المنطقة الواقعة جنوب "معبد الرامسيوم" وهو "معبد تخليد ذكرى" "الملك" "رمسيس الثانى" وقد إزداد عدد "مقابر" "الأشراف" الصخرية فى عهد "الملك" "تحتمس الثالث" كما سنرى.
ساهم "أمنحتب الثانى" فى تجميل "معابد أمون" "بالكرنك" ، إلا أن الذى بقى من أعماله هناك يكاد لا يذكر وقد دفن فى "قبره" "بوادى الملوك" وترك "معبدا لتخليد ذكراه" على حافة الأرض الزراعية فى "طيبة" "الغربية".
وكان "تحتمس الرابع" هو الوحيد الذى أقام "مسلة" منفردة بعد وفاة "تحتمس الثالث" الذى أمر بقطعها ولم يطل به العمر لإقامتها وقد أكد "تحتمس الرابع" هذا وسجله فى النص المنقوش عليها إذا قال : ( لقد أقمت للمرة الأولة "مسلة" منفردة فى طيبة ) وكانت مقامة أغلب الظن فى نهاية "المحور الشرقى" بعد "صالة الإحتفالات" وهى المعروفة الأن "بمسلة اللتران" فى "روما" وتعد من أعلى "المسلات" "المصرية" إذ يصل إرتفاعها إلى ( ثلاثون وسبعة عشر من مائة متر ووزنها 455 طن ) ، وقد حفر "تحتمس الرابع" "مقبرته" الصخرية فى "وادى الملوك" أما "معبده" فهو مخرب تماما 0 بلغت "طيبة" زروة مجدها فى عهد "أمنحتب الثالث" المتسم بالسلم.
وقد تميز ما شيده بالضخامة كما نرى بوضوح فى "الصرح الثالثط الذى أقامه فى "الكرنك" بثمانى "ساريات للإعلام" بعكس صرحى "تحتمس الأول" الذى شيد كل منهما "بساريتاين" فقط للإعلام ، كما نرى ذلك أيضا فى "الأساطين" الضخمة سواء فى "معبد الأقصر" ( يصل إرتفاعها إلى 16 مترا ) بوضوح فى تمثالى "ممنون" وهما الجزء المتبقى من "معبده" الذى كان مخصصا لتخليد ذكراه.
بدأ فى عهد "أمنحتب الثالث" أيضا أقامة ما يسمى بطريق "الكباش" وهو يمثل الطريق البرى "للإله" ، الذى كان يستخدمه عند زيارته لزوجته "الإلهه موت" سواء فى "معبدها" جنوب "الكرنك" أو فى "معبد الأقصر" ولهذا تفرع هذا الطريق إلى فرعين إحداهما "شرقى" يوصل إلى "معبد الإلهه موت" والأخر "غربى" يوصل إلى "معبد الأقصر" الذى شيده "أمنحتب الثالث" "لثالوث" "طيبة المقدس"  (أمون الأب والإلهه موت الأم والإله خونسو الإبن) وقد أمر "الملك ببنائه وسجل على جدران إحدى حجراته قصة "مولده المقدس" ، وطريق "الكباش" هذا هو الطريق المخصص للإحتفالات التى كانت تقام فى "الأعياد" وكان على "أمون" الإنتقال على "زورقه المقدس" من "قدس الأقداس" "بالكرنك" إلى حرمه "المقدس" "بمعبد الأقصر" وبهذا خصصت "مقاصير" صغيرة على مسافات متقاربة فى هذا الطريق لإستراحة "الزورق المقدس" وقد شيد "أمنحتب الثالث" ومن قبله "حتشبسوت" و"تحتمس الثالث" أكثر من "مقصورة" لهذا الغرض ، كما أمر "أمنحتب الثالث" أيضا بإقامة العديد من "التماثيل" "للإلهه سخمت" وهى هنا إحدى صور "الإلهه موت" فى "المعابد" المختلفة.
شيد "أمنحتب الثالث" أيضا "قصرا" له فى "البر الغربى" فى منطقة "ملقطة" جنوب مدينة "هابو" وحفر أمامه بحيرة عظيمة وهى المعروفة الأن "ببحيرة هابو" ، أما "مقبرته" فقد أمر بحفرها "بوادى الملوك" الغربى ولم يشاركه فى هذا "الوادى" غير الملك ( أى ) الذى شيد "مقبرته" هناك.
بدأ "أمنحتب الرابع" ( أخناتون فيما بعد ) الحكم فى "طيبة" بعد وفاة والده "أمنحتب الثالث" مباشرة وما كادت الأمور تستتب له حتى فكر فى الدعوة إلى "إله" واحد يكمن فى "قرص الشمس" أطلق عليه "أتون" ، وأضطر "كهنة أمون" أن يسمحو للملك ببناء "معبد" "للإله أتون" شرق معبد "أمون بالكرنك" ، وهكذا دخل "أتون" حرم "الكرنك" بجانب "إله" الدولة "أمون" بل وأعترف به من "كهنته" وسجل إسم "أتون" رسميا بين "الألهه المصرية" ، ولم يعاد "أمنحتب الرابع" فى بادء الأمر "الألهة المصرية" و"كهنتها" بل صب كل إهتمامه على الدعوة لعبادة "الإله" "أتون" ، فبدأ "كهنة أمون" يحيكون له المؤامراة والدسائس للقضاء عليه وعلى دينه الجديد فأعلنها حربا لا هوادة فيها على "أمون" و"كهنته" ثم تتبع إسم "أمون" على جميع "المعابد" والأماكن المقدسة ومحاه ليس فى "طيبة" فقط بل فى جميع أنحاء "مصر" حتى فى إسمه نفسه الذى غيره فى العام السادس من حكمه من "أمنحوتب" إلى "إخناتون" ولم يستطع البقاء فى "طيبة" وهجرها إلى عاصمة جديدة ، أطلق عليها ( أخت أتون )  أى "أفق أتون" وهى "تل العمارنة" الحالية على البر الشرقى "للنيل" بالقرب من "ملوى".
ترك عهد "إخناتون" أثاره على "طيبة" ، فظلت ( إثنى عشرة عاما ) مهملة ، "معابدها" مغلقة ، وتحول دخلها إلى دولة "أتون" حتى وفاته . أتى من بعده "الملك سمنخكارع" وتلاه على عرش مصر "توت عنخ أتون" الذى عاد إلى "طيبة" وغير إسمه إلى "توت عنخ أمون" ، وسجل إحتفاله بعيد "الأبت" على جدران صالة "الأربعة عشر أسطونا" فى "معبد الأقصر" ، كما أقام التماثيل "لإلهة" "طيبة" وعثر على "مقبرته" الشهيرة فى "وادى الملوك" وتبعه "الملك أى" الذى حفر "مقبرته" "بوادى الملوك" الغربى .
توج "حور محب" أخر ملوك "الأسرة الثامنة عشر" رسميا بموافقة "الإله أمون" ، فأمر بهدم "معبد أتون" إرضاء "لكهنة أمون" وإستخدمت أحجارة كحشو "للصروح الثلاثة" التى أقيمت فى عهده فى "معابد الكرنك" وهى "الصرح الثانى" غربا و"الصرحان" "التاسع" و"العاشر" جنوبا ، وبهذا حفظ "حور محب" لنا دون أن يدرى بالأثار الفريدة من عهد "إخناتون" وقد أمر بحفر "مقبرته" "الملكية" "بوادى الملوك".
ظلت "طيبة" مزدهرة فى عهد ملوك "الأسرتين" "التاسعة عشر" و"العشرين" ، فقد ساهم كل من "رمسيس الأول" و"ستى الأول" و"رمسيس الثانى" فى إتمام "صالة الأعمدة الضخمة" "بمعبد أمون" "بالكرنك" كما أقاموا "معابدهم" "لتخليد ذكراهم" و"مقابرهم" بالبر الغربى "لطيبة" ، كما يجب الإشارة هنا إلى "مقبرة ستى الأول" الضخمة المليئة بالمناظر والنصوص الخاصة بكتب العالم الأخر و"معبد" "تخليد ذكرى" "رمسيس الثانى" المعروف بإسم "الرامسيوم" المميز بأضخم "تمثال" عرف "للملك" "رمسيس الثانى" نفسه.
يعتبر "رمسيس الثالث" أعظم "فراعنة" "الأسرة العشرين" وأخر "فراعنة" "مصر" العظام الذين حافظوا على أرض "مصر" فقط بذل قصار جهده للحفاظ على "مصر" وحمايتها من زحف الغزاة وإهتم بمدينة "طيبة" "شرقا وغربا" فأقام "معبدين" صغيرين "للإله أمون" ، إحداهما على يمين الداخل مباشرة بعد "الصرح الأول" فى "معابد الكرنك" والثانى جنوب "معبد الإلهه موت" فى "أشر" ، جنوب "معبد أمون رع" "بالكرنكط وشيد "معبدا" ضخما "لتخليد ذكراه" فى منطقة مدينة "هابو" ، كما أمر بحفر "مقبرته" الصخرية "بوادى الملوك".
أما عن الحالة الداخلية "لمصر" فنعرف تفاصيلها من نتائج الحفائر ومن "بردية هاريس" رقم (1) المحفوظة الأن "بالمتحف البريطانى" والتى ترجع إلى عهد "رمسيس الثالث" ونصوص "البردية" توضح لنا ما وصلة إلية الحالة الإقتصادية فى "مصر" ونصيب "معابد الألهة" منها ، إذ نعرف مجموع ما إمتلكه "معبد أمون" من أراضى زراعية وصل إلى 10% من مجموع الأراضى ، فى حين أن نصيب "الألهة" الأخرى لا يزيد عن 5% من هذه الأرض فقد كان يتبع "معبد أمون" فى "طيبة" بمفرده 86486 خادما و 421362 رأسا من الماشية والأنعام وكان عدد الأرغفة التى تقدم فى الأعياد 2844357 رغيفا والطيور 126250 طائرا كما كان هذا "الإله" يمتلك مناجم للذهب والفضة ، هذا فضلا عن العديد من المصانع التى تنتج له ، وقد يوضح هذا مدى ما وصل إليه نفوذ "كهنة" "الإله أمون" فى عهد "الملك" "رمسيس الثالث".
وقع "الرعامسة" المتأخرون فى "الأسرة العشرين" تحت نفوذ "الكهنة" ، وتدهورت قوة البلاد وفقدت هيبتها ، وبدأت الأوضاع السياسية تتغير فى البلاد فقد فقدت "مصر" سيادتها فى "أسيا" وإنعدم نفوذها فى "النوبة" وإنكمشت "مصر" فى حدودها الطبيعية وفقدت "إمبراطوريتها" ، بل وأكثر من هذا فقد كان يحكم "مصر" فى "الأسرة الحادية والعشرين" بيتان مالكان ، إحداهما فى "تانيس" (صان الحجر فى شرق الدلتا) ويحكم منه الملك "سمندس" التى كانت له الكلمة العليا فى "الدلتا" و"مصر الوسطى" والأخر فى "طيبة" التى أعتبرت طوال عصر هذه "الأسرة" عاصمة من الناحية العملية "لمصر" العليا ويحكم منها كبير "كهنة أمون" "حريحور".
جائت "الأسرة الثانية والعشرون" لتضع "مصر" تحت حكم "الليبيين" الذين إتخذوا من "تل بسطة" ( بالزقازيق فى شرق الدلتا ) "عاصمة" لهم إلا أنهم إهتموا "بالإله أمون" فأشرفو على بناء "الفناء الضخم المفتوح" الذى يشمل المساحة بين "الصرحين" "الأول" و"الثانى" والمعروف "بفناء الليبيين" "بمعابد أمون" "بالكرنك".
ساد ضعف "مصر" فى عهد "الأسرتين" "الثالثة والعشرين" و"الرابعة والعشرين" حتى إستطاع "الملك" "النوبى" "بعنخى" القضاء على "الملوك" الضعاف وأسس "الأسرة الخامسة والعشرين" وإهتم "ملوك" هذه "الأسرة" "بطيبة" و"معابد أمون" وقد أقام "الملك طاهرقا" احد ملوك هذه الأسرة فى "الفناء الأول" "بمعابد الكرنك" "صالة" تتكون من عشرة "أساطين ضخمة" ذات "تيجان" على شكل زهرة "البردى" المفتوحة لم يبق منها إلا "الأسطون الضخم" المعروف بإسمه ، وظل "ملوك" "الأسرة الخامسة والعشرين" يحكمون "مصر" حتى غزت جيوش "الملك الأشورى" "أشور بانيبال" "مصر" ، ( عام 667ق.م ) وإحتلت "منف" وسقطت "طيبة" ، وكان لسقوطها دوى هائل أثار دهشة لعالم الشرق القديم كله.
إنتقلت "العاصمة" فى "الأسرة السادسة والعشرين" إلى "سايس" (صان الحجر فى غرب الدلتا)  وحاول "منتومحات" حاكم "طيبة" فى ذلك الوقت بذل جهده لإصلاح ما أفسده "الأشوريون" ، ثم حدثت النكسة الأخرى بغزو "قمبيز" "لمصر" فى "الأسرة السابعة والعشرين" عندما واجه ضربته إلى "المدينة" فقضى نهائيا على كبريائها وعظمتها وأزال مجدها.
كانت "طيبة" تحت حكم "البطالمة" رغم ما شيدوه من "مقاصير" و "بوابات" فى "الكرنك" و"الأقصر" وذلك تمشيا مع سياستهم المعهودة لإرضاء "ألهة" و"كهنة" "مصر" أحد "أقاليم" "مصر" العليا لا أكثر ولا أقل ، فقد زالت عنها بهجتها وأنتهكت قدسيتها.
أصبحت "طيبة" تحت حكم "الرومان" هدفا "للسائحين ، ومنذ ذلك الحين تحكى "طيبة" للعالم أجمع من خلال أثارها تاريخ مجد "مصر" بحضارة "مصر" وشعب "مصر".

3 - نبذة عن مقابر ملوك الدولة الحديثة بوادى الملوك بالبر الغربى : -
منطقة "وادى الملوك" هى المنطقة التى أختارها "ملوك" "الدولة الحديثة" ليشيدوا فيها "مقابرهم" ، ولعل أهم أسباب إختيار هذه المنطقة هو أن "الوادى" فى ذلك الوقت كان منطقة لا يطرقه إنسان أو حيوان ، ومن ثم فإنه يعتبر أحسن مكان لإخفاء "المقابر" التى كانت تنقر فى تكتم شديد فى صخر الجبل مختفية وراء الهضاب ، حيث كان الغرب يسمى "منطقة الحياة" (region of life) ، والجبانة العظيمة النبيلة ، وإعتبر "المصريين" أن "الموت والحياة" مثل "الليل والنهار".
وربما أن "الملك" يصبح عند وفاته بمثابة "إله" ( مثل رب الشمس "رع" ) وحيث أن "رع" يستريح فى الغرب ، فقد وجب على "الملك" أن يستريح بعد مماته فى الغرب كذلك.
وكما أن "نوت" ( ربة السماء ) ، كانت تعطى الحياة كل صباح للمعبود "رع" فقد تصور "المصريون" أنها ستعطى الحياة كذلك "للملك" فى الصباح ، ولكن هذا كان يحتم عليه  فى تصوراتهم أن يلج ( مملكة الليل ) ، ولكن الذى يقوم بذلك هو روحه ، أما الجسد فهو يبقى على الأرض ليستمد الغذاء ليمد به روحه.
*الفرق بين المقابر فى الدولتين القديمة والحديثة : -
1- فى الدولة الحديثة
- إنفصال المعبد الجنائزى عن "المقبرة" ، وأصبح مبثابة بناء مستقل.
- إختفاء العنصر "الهرمى" ، ولكن إستعوض عنه بالقمة الجبلية التى كانت تسكنها (سيدة السكون)
ولحسن الحظ لدينا تخطيط لمقبرة "الملك" "رعمسيس الرابع" ، موجود على "بردية" محفوظة فى متحف "تورين" ، وتعطينا فكرة عن تقسيم "المقبرة" فى "الدولة الحديثة".
- كان الممر يسمى "المكان الذى فيه يسحب "الإله" ( الملك )".
والصالة : هى التى ينتظر فيها كبار رجال الدولة وضع اللمسات النهائية للطقوس ، وقد كانت تسمى ( صالة الإنتظار ).
- حجرة التابوت : وتسمى ( بيت الإله ).
ومثال لتخطيط "المقابر" فى "وادى الملوك" والمناظر التى رسمت على جدرانها هى "مقبرة" "الملك" "رعمسيس السادس".
وعلى الرغم من أننا نملك له "مقبرة" "ومومياء" ، إلا أننا لا نعرف عن هذا "الملك" إلا القليل ، ومن ذلك لوحة فى "الكرنك" نعرف منها أنه حكم على الأقل مدة لا تقل عن 4 سنوات.
ونعرف من أجزاء "بردية" محفوظة بمتحف "ليفربول" أن لصا قد دخل "المقبرة" بالإتفاق مع أربعة أخرين لنهب محتوياتها.
أما عن "مومياء" "الملك" فقد نقلت إلى خبيئة مقبرة "أمنحتب الثانى" التى إكتشفها "لوريه" ، ومنها يتضح أن "الملك" قد مات فى عمر متوسط ، وكان طوله ( متر وواحد وسبعين) ، وقد إكتشف المومياء داخل تابوت غير أصلى.
وقد رقمت "المقبرة" برقم (9) ، وتعد واحدة من أضخم "المقابر" "الملكية" ، وكانت مخصصة فى الأصل "للملك" "رعمسيس الخامس" ، وإغتصبها منه "رعمسيس السادس".
و"المقبرة" تتضمن على جدرانها كتب ( البوابات ، والكهوف ، والليل ، والنهار ) ، حيث وجدت هذه الكتب مكتملة ، كما تضمنت "المقبرة" فقرات من كتب ( إمى دوات ) ، وبعض الإشارات القليلة من ( كتاب الموتى ) ، وأجزاء من كتاب ( البقرة المقدسة ).
وقد عثر على "مخربش" ( جرانيتى ) "يونانى" ، وهذا يدل على أن "المقبرة" كانت متاحة للزيارات فى العهود القديمة.
أهم من قاموا بحفائر فى المنطقة فى العصر الحديث : -
وقد ذكر "إسترابون" فى ( القرن الأخير ق.م ) أن "وادى الملوك" به أربعون "مقبرة" تستحق الزيارة ، أما "ديودور الصقلى" فقد أشار إلى سبعة عشر "مقبرة" فقط.
وأشار الرحالة الإنجليزى "رتشارد بوكوك" الذى زار مصر عامى ( 1737 ، 1738 م ) إلى ( أربع عشر مقبرة ) فقط ، وقد ذكرها بدون أسماء أصحابها ، ويعتبر "بوكوك" أول من كتب ( عام 1743 م ) عن مقابر "وادى الملوك" فى العصر الحديث.
وقد ذكرت بعثة "نابليون" حولى ( إحدى عشر مقبرة ) فقط ، ثم أشار "بلزونى" إلى (ثمانية عشر مقبرة) ، أما التعداد الحالى "للمقابر" المكتشفة "بوادى الملوك" فيصل إلى ( إثنين وستين مقبرة ) ، منها "المقابر الملكية" وغير "الملكية".
وبعد إنتهاء حفائر "كارتر" فى "وادى الملوك" ، لم يتم إكتشاف أية "مقبرة ملكية" فى "الوادى" ، وبعد ذلك قام بعض العلماء بنشر بعض هذه المقابر ، لعل من أشهرهم الأستاذ "السكندر بيانكوف" الروسى الذى قام بنشر مقاصير "توت عنخ آمون" ، وبنشر الكتب الدينية فى مقبرة "رعمسيس السادس".
ثم قام السويسرى "إريك هورننج" بمواصلة العمل فى "وادى الملوك" ، وتركز عمله حول ( كتب العالم الأخر ) ، فأخرج كتبا تتناول شرح الكتب المصرية الدينية ، ومنها : -
ـ عن كتاب : "الإيمى داوت" ، أى : ( الذى فى العالم الأخر ) : -
.E .Hornung . Amduat
ـ عن كتب "العالم الاخر" :
E .Hornung .Unterweltsbucher .
وكان "بلزونى" من أوائل من قاموا بالعمل فى منطقة "وادى الملوك" ، ويرجع الفضل إليه فى الكشف عن العديد من "المقابر الملكية" هناك ، والتى سنسردها  فيما بعد ، وعندما أنهى "بلزونى" حفائره فى الوادى ( عام 1817 م ) ، قال : " رأية راسخا أنه لا توجد مقابر أخرى مجهولة فى وادى الملوك ".
ثم قام بالفحر بعده العديد من "العلماء" ، أمثال "شامبليون" ، ومن بعده "ولكنسن" ، ويعد الأخير هو من أعطى أرقاما "لمقابر الملوك" ، ثم "بيرتون" ، و "روزلينى" ، و "رولنسون" ، و "لبسيوس" ، والعديد من العلماء الذين أكدوا خلو "وادى الملوك" من أية "مقابر" أخرى.
ولكن فى ( عام 1898 م ) ، أكتشف "لورية" مقبرة الملك "أمنحتب الثانى" بما فيها من "المومياوات" ، بما جعل العلماء يعيدون النظر فى أن منطقة "وادى الملوك" ما تزال تضم العديد من "المقابر" التى لم يتم الكشف عنها بعد.
ثم قام بالعمل فى الوادى كلا من ( تيودور  ديفيز ) ، ( عام 1902 م ) ، وشاركه فى العمل كلا من " أرثر ويجال" ، و "إدوارد إيرتون" ، و "كويبل" ، و "كارتر".
وفى ( عام 1903 م ) إكتشف "كارتر" مقبرة "الملك" "تحتمس الرابع" ، ثم إكتشف "إيرتون" ، و "ويجال" ، و "ديفيز" ، عدة "مقابر" غير "ملكية" ، وبعدها سجل "ديفيز" عبارته التى يقول فيها : "أخشى أن "وادى الملوك" قد أخرج الأن كل ما فيه".
وفى ( عام 1917 م ) ، حصل اللورد "كارنرفون" على ترخيص بالتنقيب فى "وادى الملوك" ، وبمساعدة "كارتر" وفق فى إكتشاف "مقبرة" "توت عنخ أمون" ( عام 1922 م ).

4 - المراجع : -
1 - د / "جيمس بيكى" ، الأثار "المصرية" فى وادى "النيل" ، الجزء الثالث ، "القاهرة" 1967 .
2 - د / "سيد توفيق" ، "تاريخ العمارة" فى "مصر القديمة" "الأقصر" ، "القاهرة" ، 1990 ، "نبذة تاريخية" عن "الأقصر".
3 - د / "عبد الحليم نور الدين" ، "أثار وحضارة مصر القديمة" ، "الجزء الثانى" ، القاهرة 1988.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق